،عزيزي يوسي
لقد أنهيتُ للتوّ قراءة هذا الكتاب ، حيثُ أنهيتُ قراءة الكتاب خلال جلسةٍ واحدة! بدايةً ، دعني أعبّرُ لكَ عن تأثّري الشديد بصراحتكَ المتناهية وعاطفيّتكُ الشديدة في هذا الكتاب ، وهما الأمران الذان لم يُقلّلا أبداً من حجمِ انتقادكَ لكلا الجانبينِ الإسرائيليّ والفلسطينيّ على حدٍ سواء. ، كذلكَ فقد أشعرني هذا الكتابُ بشغفكَ وحبك لإسرائيل والشعب اليهودي ، وحبكَ لجيرانك وثقافتهم ومُعتقدِهِم وتقاليدهم أيضاً. إنني أكتبُ لك وكلّي أملٌ بأن تتحقّقَ أمنيَتُكَ بأن تجدَ شريكاً يُصغي لكَ ويحاوركَ على الجانبِ الآخر ، كذلكَ فإنني آملُ بأن يمضي جيرانُك إلى ما وراء الانتقادِ لكي يَروا مشاعرَ المحبّة والألمِ في قلبك ، لكن لديّ فكرةٌ لفتَ أنتباهِك لها ، وهي ضرورةُ العملِ مع المحرّرينَ في الولايات المتحدة أو في أي مكانٍ تحاولُ فيه الترويجَ لكتابك من أجل التأكيد على أن هذا الكتابَ موجّهُ للغربِ بمختلف توجّهاتهم الدينية ، موجّه للمسيحيينَ والعلمانيينَ وغير المتدينين . إنني أطرحُ هذه النقطة بالتحديد بأني أعرفُ عدداً لا بأس به من ناشطي العدالة الاجتماعيّة والمسيحيين الانجيليينَ وأدركُ تماماً بأنهُم بحاجةٍ ماسّة لقراءةِ هذا الكتاب. صراحة ، فإننا لسنا على درايةٍ تامًة بالرواية الإسرائيليّة والرواية اليهوديّة ، الأمرُ الذي يفتحُ البابَ على مصراعيه لسوءِ الفهمِ بشتّى أنواعه. لقد قلتُ مراراً وتكراراً لطلابي بأننا – كمسيحيين – مهما تخيّلنا سوء المعاملة التي عاملنا بها اليهود ، فإن تلكَ المعاملة في الواقع كانت أسوء بمئة مرّة من كل ما تخيلتموه! وكما تعلم ، فإن القصة الراسخة في رؤوسِنا في المجتمع المسيحيّ تتمحورُ حولَ الاحتلالِ والاستعمار والقتل فقط. ومما لا شكَ فيه فإنني أتوقّع بأن يكونَ ثاني أفضل مكانٍ للترويجِ لمثل هذه العناوين هوَ المُجتمعُ اليهوديّ الليبرالي الذي ينظرُ إلى إسرائيلَ من نفس المنظور. أما الفكرة الثانية التي أود طرحَها تتعلق بطرحك لموضوع المسيحيينَ الفلسطينيينَ في نهايةِ كتابك ، فهم بنهاية المطافِ – رغم كونهم أقليّة تعيشُ ضمن أقليّة – إلا أنّهُم يمثّلون جزءاً مهمّاً من المجتمع الإسرائيلي ، فهم بنهاية المطافِ – رغم كونهم أقليّة تعيشُ ضمن أقليّة – إلا أنّهُم يمثّلون جزءاً مهمّاً من المجتمع الإسرائيلي ، وبحسبِ درايَتي فأنهُم شريحةً مميّزة تحقّق نجاحاتٍ مُبهرة في المجتمع الإسرائيليّ ، كذلكَ فإنني لا أعتقدُ بأن العالم الإسلاميّ على درايةٍ بوجودهم في المجتمع الإسرائيلي أو بمدى أهميّة وجودهم هناك. كذلك لطالما تساءلتُ ان كان بإمكانهم أن يلعبوا دوراً في الوساطة بين طرفي الصراع ، لكني قد أكون ساذجةً بعض الشيء لتفكيري بمثل هذا التفكير . إنني أقوم حالياً بقراءةِ المجلد الثاني لسيمون شاما من تاريخه لليهود ، وهوَ حقيقةً راوي قصص رائع ، وأنا أحب الطرق التي يتطرّق بها إلى حياة كل من اليهودي العادي واليهوديّ المعروف. لقد تأثرت كثيراً بوصفهِ لآخر أيّامٍ من حياة موشيه مندلسوهن ، إذ يروي كيف خرجت عائلة مندلسون في نزهة فيما قامت مجموعة من الشباب بالاعتداء عليهم ، فتساءلَ الأطفال بغرابة عمّا اقترفوه من ذنبٍ ليتم الأعتداء عليهم بهذه الطريقة ، فكان كعادته صامتا ، لم يجد ما يردّ به على الطفل ، فكان جلّ ردّه : ” يا قوم ، متى ستتوقفون عن الاعتداء علينا ؟ ” فيعلّق سكيما قائلاً : ” مع الأسف الشديد ، إننا نعلمُ الإجابة جيّداً ” إنني اتوقع أن تكونَ اجابة أولئكَ المُعتدين : ليسَ بعد .. ” كذلك كان يكتب إلى أحد أصدقائه : “نحن لم نحلم بيءٍ سوى التنوير، ورأينا أن نور العقل سيضيء العالم بحيث يطغى نوره على ظلماتِ الوهم والتعصب. ولكن كما نرى الآن من الجانب الآخر من الأفق ، الليلة مع كل أشباحها وشياطينها تنهار بالفعل ، ومما يخيفنا أكثر من أي شيء أن الشر لا زالَ حيّاً وفعال للغاية. إن الوهم والتعصب يقومان بالأفعال بينما كل ما يقومُ به العقلُ هو الكلام ” . إنني أعتقد فعلاً بأنك تحاول أن تفعل أكثر من مجرّد كلام! وبكلّ تأكيد فإن الليبراليّة التي ظهرت في عصر التنوير لم تجد أيّ حل ، ولكن مثلما ذكرت في كتابك ، فإن المحبّة المشتركة لله ولبقعةٍ جغرافية محددة من شأنه أن يُحدثَ فرقاً شاسعاً ، إنني أؤمنُ بأنكَ قد وضعتَ قدمكَ على الطريق الصحيح لقد حظيتُ بشرف قراءةِ هذا الكتابِ الرائع ، كما أني اعتذرُ إن أطلتُ عليك في رسالتي هذه ، لكني أريدك أن تتأكد بأنني سأحاول الترويجَ لكتابك قدر المستطاع ، مع أطيب التحيات وفائق الاحترام والتقدير وأعتذر لك مجدداً لعدم تمكّني من رؤيتك خلال شهر أيار بينما أنا ازور إسرائيل لكن وكما تقول دائماً : لربما نلتقي السنة القادمة في القدس
جاي فيلان ، شيكاغو