هذا ردّ يوسي كلاين هاليفي على تعقيب السيّد كاظم من العراق. لقراءة تعقيب السيّد كاظم كاملاً تفضضلوا بزيارة هذا الرابط
عزيزي كاظم
أتقدم إليك باعتذاري الشديد لتأخري في الرد على رسائلك المُبهجة، ولا أخفيكَ حجمَ تأثري العميق بتعقيبكَ على كتابي وقراءتك المتأنيّة له. لم أكن أتوقعُ أن أجدَ قارئاً أفضل منك حين نشرت كتابي في العالم بأكمله، فلك مني كل الشكر والإمتنان على إثباتكَ جدوى عملي ككاتب وإثباتك أن الكتاب يستحقُ الجهد والعناء الذي بذلته في تأليفه
إن ردك على الرسالةِ الأولى يحمل في ثناياه رؤية قويةً وأفكاراً واعدة لمستقبل مختلف جدا، وأنا معجبٌ بالفكرة التي طرحتها حول انشاء حركة سلمية عربية- يهودية يمكن أن تشمل المنطقة بأكملها. إنه الوقت المناسب لنا على المستوى الشعبي لكي نمضي قدماً في طريق إنهاء هذه الحرب اللعينة التي استمرت قرابة المائة سنة، بالتالي يمكن للعالم العربي أن يساعد في ذلك من خلال تأسيس إطار لحل المشكلة
بالنسبة لي فقد ذكرتَ نقطةً هامة جداً تتلخص في قولك بأنه “يجب أن نعمل معا لخلق تفاهم مشترك، واعتراف وتعاون مشتركين كذلك كي تتمكن الروايتان من التعايش معا، لا أن تستبدل إحداهما الأخرى.”، فبالرغم من كمية الألم الذي يمكن أن يرافقَ هذا التفهم إلا أنه يتوجبُ علينا أن نستمع لروايات بعضنا البعض، ونتعلم كيف نعيش مع بعضنا البعض مهما بلغت الهوّةُ بين روايتينا التاريخيّتين. إن زوال أي من الشعبين ومغادرته هذه الأرض هو أمر مستحيل، تماماً مثل استحالة فناء الروايات التاريخيّة لكلا الشعبين، لأن قَدَر العرب واليهودِ هوَ البقاء على هذه الأرض. إن كلتا الروايتين تمتلكان درجة من القوّة تمكّنُهما من التواجد معاً دون أن تحلّ إحداها مكان الأخرى، ومثلما ذكرتَ في تعقيبك فإنه لا خيار لنا سوى تقبل واحتضان كلتا الروايتين
إنني أقدرُ عالياً تأكيدكَ على صلة اليهود بهذه الأرض مستنداً إلى حججٍ ودلائلَ دينيّة، لكن اعتراضي الوحيد يتعلق بشعار “من النيل إلى الفرات”، فأنا بنفسي لا أعرف أي إسرائيلي عاقل يحلم بمثل هذه الحدود حتى ولو كان ينتمي لليمين. لقد تم استغلال هذا الشعار من قِبَلِ بعض العرب الذين كانوا ولا زالوا يصوّرون إسرائيل على أنها التهديد الحقيقي لهذه المنطقة، وأعلم بطبيعة الحال أن هذا لم يكن مسعاك في رسالتك هذه، لكنني يتوجّبُ علينا أن نكون واعين جداً بمدى خطورة هذه الشعارات حين يتم استعمالها من قِبل أعداء السلام
هنالك نقطة أخرى اتفقُ معك فيها بخصوص ما ذكرته حول الربيع العربي، فرغم كل الفشل الذي اعتراه إلا انني اؤمنُ بأن الربيع العربيّ سيجلبُ يوماً ما تغييراً حقيقياً في وعي العديد من شعوب منطقتنا، ورسالتك هذه هيَ خير برهان على ذلك
وفيما يخص رسالتك الثانية، فإن ردي عليها كالتالي
لقد تطرقتَ بالضبط لسبب تأليفي لهذا الكتاب، فلطالما كنتُ مُستغرباً طوال سنين هذا الصراع بحقيقة أنه لم يقُم أي كاتب إسرائيلي بمخاطبة الفلسطينيين وغيرهم من الشعوب العربية بشكلٍ مباشر، حيثُ لم يقُم أي كاتبٍ يهوديّ إسرائيليّ بتعريفهُم باليهود ولماذا نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ من هذه الأرض وهذه المنطقة
إن رؤيتك الحالمة باتحادٍ فدراليّ شرق أوسطي – مع الحفاظ على يهودية دولة إسرائيل – هي رؤية مثيرة للاهتمام بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأنا أقدر عالياً قدرتكَ على أن تحلم بمستقبلٍ أفضل رغم الظروف السياسية الكئيبة التي تحيط بنا، وأنا اتفق معك بأن هنالك مكانٌ لنا جميعا على هذه الأرض
بالنسبة لموضوع هيكل سليمان فإنني أشعرُ بالتردد أثناء خوضي في هذا الحديث، إذ يوجدُ يهودٌ متطرفون يرغبون في إنهاء الوجود الإسلامي على جبل الهيكل – الحرم الشريف تمهيداً لبناء الهيكل. ولحسن الحظ ، فإن أغلب الإسرائيليين يعارضونهم، لكنهم يشكّلون خطورةً نظراً لامكانية لجوئهِم للعنف لتحقيق ما يصبون لتحقيقه، وأنا شخصياً لا أؤيّد ما يفعلونه بأي شكلٍ من الأشكال لأنني تركتُ مسألة بناء الهيكلَ لله، فأنا أؤمن بأنه إذا أراد الله فعلاً أن يكون الهيكلُ مبنياً فإنهُ سيخبرنا بذلك بنفسه
في الختام فإن ما طرحته بخصوص فريق عراقي- إسرائيلي مشترك هي فكرة مذهلة جدا، لهذا أودّ أن تبقيني مطلعاً عن أية تطورات في هذا الاتجاه، أيضاًيسرّني أن أعرف أكثر عنك، فهلا حدثتني عن نفسك وعن عائلتك؟ لقد سُررتُ جداً بالتواصل معك عزيزي كاظم، وأريدك أن تدرك تماماً بأن أمثالك من الناس هم من يسخرهم الله لمساعدة البشرية على التقدم واتطوّر
مع تحياتي وأطيب أمنياتي
يوسي كلاين هاليفي
المزيد من الردود والتعليقات
Nothing found.