ملاحظات على كتاب رسائل إلى جاري الفلسطيني للكاتب اليهوديّ الإسرائيلي يوسي كلاين هاليفي

لقد بدأت بتصفح الكتاب وتحديداً بدأت بقراءة الرسالة العاشرة، وقد لفت نظري ان الكاتب يركز على ديانة جاره الفلسطيني كمسلم ونسي و ربما غاب عن ذهنه ان جاره الفلسطيني يضم المسلم والمسيحي والدرزي و البهائي و السامري، لكني على العموم سأواصل قراءة الكتاب، وأيا كانت الأفكار والموضوعات المطروحة فيه فإن هذا لن يغيرمن ثوابتي التى اؤمن بها. إنني أؤمنُ بضرورة أن نتمتع بعقليه منفتحة تجاه الآخر، فالعقل المنفتح يوصل صاحبه للطريق الصحيح في النهاية. وأثناء قراءتي للكتاب أردت أن أرسل بعض الملاحظات للكاتب يوسي، وملاحظتي الأولى هي ضرورة التفريق بين الدين والسياسة لأنني وجدتُ خلطاً واضحاً بين الجانبين، فلا يمكن بناء موقف سياسي وإيجاد حلول للقضيه الفلسطينيه من منطلق ديني بل من منطلق الواقع، والواقع يقول بأنه يجب على اسرائيل إنهاء احتلالها للفلسطينيين، و ليعش كل شعب على هواه وحسب موروثه الثقافي في دولته المستقلة

على إسرائيل أن تدرك تماماً بأنه ليس امامها الا التصالح مع الفلسطينيين، فاسرائيل وفلسطين وجهان لعمله واحد لا يمكنُ فصل أحدهما عن الآخر. أيضاً اريد أن اوجّه سؤالاً ليوسي: هل تؤكد لي او تنفي ان كانت غالبيه شعب اسرائيل و خاصه الجيل الجديد لا يعرفون شيئا عن الشعب الفلسطيني سوى انهم جنود يخدمون في مناطقهم المحرره ومطلوب منهم التنكيل والاعتقال لكل من يقف في وجههم؟ مع الأسف لا زال قاده اسرائيل المجتمع الإسرائيلي غير مدركين ان قضية الشعب الفلسطيني تتمثل في كونهم شعب يبحث و يناضل من أجل الحرية والعدالة والكرامة لا أكثر ولا أقل. انا لست سياسيا و لا أريد أن اكون جزءاً من عالم السياسة، كل ما هنالك أنني شخص ينتمي لشعبٍ متضرر من الاحتلال ، وإن كنتَ تسألني عن الحل فإنني أقول لك أن بداية الحل تتمثل في إقرار حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره على ما تبقى من أراضي فلسطين الانتدابيه، وكلما تأخرت الحلول المنطقيه و الواقعيه كلما ازداد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تعقيداً

وأيا كان شكل الحل فإنه بالتأكيد لن يكون من منطلق رؤية دونالد ترامب العنجهية والفوقيه ولا بالطريقة التي يريد ان يفرض بها الحل على الفلسطينيين. باعتقادي فإنه لا بد من الرجوع الى حل الدولتين كحد ادني لتلبيه المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، وما أريد من يوسي والشعب الإسرائيلي ان يعلمه هو ان الدوله الفلسطينية المستقبليّة لن تشكل أي تهديد اسرائيل لأسباب أصبح الجميع يعرفها، وفي حال لم تطبق إسرائيل حل الدولتين فإن اسرائيل ستجد نفسها أمام أمر واقع يفرض عليها حل الدولة الواحدة ثنائية القومية وسيكون عليها تحمل تبعات ذلك. لقد ذكرت في كتابك حول الانسحاب الإسرائيلي من غزة وسيطرة حماس عليه كمعضلة أمام حل الدولتين، وهنا أريد ان أردّ على إدعائك بان حماس هي صناعة اسرائيليه بامتياز لتكون بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينيه والأدلة كثيرة على هذا. اسرائيل كانت بحاجه لنموذج متشدد كحماس لمساعدتها في تنفيذ سياسات خاصه من اجل تحقيق يهوديه الدولة وإفشال حل الدولتين، أيضا لتكون حماس ذريعة لها، فمثلما هناك اماره اسلاميه بالتالي لا بد من مملكه يهودية 

عموماً فالفوضى قادمه لا محالة وعلى اسرائيل الاستعداد للتعامل معها ، وبالنسبة للفلسطينيين فنحن نعاني من وجود احتلالين: اسرائيل حماس، ومثلما يُقال كنا في احتلال واحد وأصبحنا في احتلالين. وبالنسبة للعالم العربي فإن إلغاء الفلسطيني وكأنه لا يشكل طرفاً لهذا الصراع وتوجه اسرائيل للتطبيع مع العرب لن يحل مشاكلها أبداً. إنني لا اكترث كثير باهتمام الدول العربية بالقضية الفلسطينية، فالعالم العربي غير متضامن معي بالتالي لا أعوّل على دعمهم لقضيتي، والقاريء للتاريخ يرى أن الفلسطينيين كانوا يدفعون الثمن في كافه الحروب بين اسرائيل و العرب، والاحتلال الإسرائيلي الحاليّ منذ سنة 1967هو اكبر دليل على الثمن الذي دفعه ولا زال يدفعه الشعب الفلسطيني لهذه الحروب 

من ناحية ثانية فإن وجهة نظري في اعلان الاتفاق الإماراتي الاسرائيلي وغيرها من الدول هي كالتالي: ان لكل دوله الحق في رسم سياستها الخارجية و عقد أي اتفاقات التي تنسجم مع مصالحها كما تراها. لكن هنالك جانب ربما لم يراه يوسي وهو الانفعال الزائد عقب توقيع هذه الاتفاقيات والتي تضمن – بشكل مؤسف – شتائم متبادله بين العرب انفسهم كردة فعل على ما حدث. يبدو ان هناك جهات تغذي حالة الاحتقان والتحريض العربي – العربيّ تنفيذاّ لاجندات ومصالح معينة ، وأخشى ما اخشاه أن يصل بنا الحال بان تقوم اسرائيل بدور الوساطه بين الدول العربية للم شملها وتحقيق المصالحة فيما بينها. أيضا قرأت بعضاً من تعليقات قرائك ولفت انتباهي تعليق لشخص يدعى ابن دجله والذي قام بالربط بين الفلسطينيين وتنظيم داعش دون أن يذكر أن داعش هو تنظيم متعدد الجنسيات ، وهذا الامر مستنكر ولا يمكننا القبول به بأي شكلٍ من الأشكال لان الفلسطينيين ليسوا تنظيم داعش

ربما تناسى ابن دجلة ان من بدا باضطهاد اليهود هم اجداده من نبوخذ نصر وغيره لاحقا، ولو كانت حياه يهود العراق بهذا الجمال لما تركوا العراق وهاجروا منه. وهذا الامر ينطبق على كثير من المجاملين الجهلة من الذين لا يعلمون شيئاً عن حقيقه الصراع قرات تعقيب آخر من صديقك الذي نشرتم تعقيبه تحت اسم يوسف من فلسطين، وهو تعقيب مطول وممل لكن لفت نظري هذا الجزء من رسالته: “تواضعكم بقبول أراضي سنه١٩٤٨ وانتصرتم واستعدتم ارضكم المقدسه في الضفه الغربيه في عدوان العرب عليكم سنه ١٩٦٧ ” أتمنى منك أن تصدقني القول – بغض النظر عن من كتبه -: هل تعتقد أن مثل هذا الكلام يتعارض مع قناعتك بالرغبة بالتلاقي مع جارك الفلسطيني ؟ إن الإقرار بالحق هو فضيله سامية، واذا كانت هذه هي ارضكم المباركة فلماذا تتنازلون عنها وأردتم التنازل عنها سابقاً؟ هناك في شعبنا من يفهم ما بين السطور، ومثل هذه الأفكار بامكانكم توجيهها للجهلة لا للشعب الفلسطيني. مبدأياً هذه أفكار وملاحظاتي وفي حال كان لدي ملاحظات او افكار أخرى سأرسلها لكم ربما بعد انهائي لقراءة الكتاب

 

نبيل يونس من الاردن