هذا ردّ يوسي كلاين هاليفي على تعقيب السيّد إياد من الأردن. لقراءة تعقيب السيّد إياد كاملاً تفضّلوا بزيارة هذا الرابط

 

عزيزي إياد 

بداية أعتذر منك شديد الاعتذار على تأخري في الرد على رسالتك الرائعة. إنني ممتنٌ لقراءتك لكتابي بِفكرٍ مُنفتِح، كما أنني ممتنٌ جداً لرغبتِك في خوض تجربةٍ مختلفة للتغيير، وأنا أؤمنُ بشدةٍ أن أقصى درجات الشجاعةٍ تتمثّلُ في إقدام  الإنسان على صُنع التغيير، لهذا أشكركَ مُجدداً على هذا الإلهام الذي منحتني إياه عبر رسالتك

لقد كانت رسالتك بمثابة هديّة لي، هديّة تؤكدُ لي بأن عَمَلي ككاتبٍ لم يذهب هباءاً منثوراً، لهذا دعني أقول لك ودون أدنى مبالغة أن رسالتَك جعلتني أشعرُ بأن كتابي يستحقّ هذا العناء الذي بذلته في تأليفه طالما وجدَ كتابي قارئاً مثلَك. عندما أنظر إلى الأضواء في الاردن من خلال شرفة منزلي فإنني أفكر في جيراني الأردنيين، إنني أشعرُ بأنك واحدٌ من أصدقائي على  الرغم من أننا لم نلتقِ وجهاً لوجه حتى الآن

لقد كتبتَ في رسالتِك إليّ بأنه يجبُ علينا أن نحلُم، والواقع يقولُ بأننا نعيشٌ في زمنٍ باتت فيه أحلامنا تتحققّ شيئاً فشيئاً، وإذا كان بإمكان إسرائيل ودول الخليج توقيع اتفاقيات سلامٍ فإن الإسرائيليين والفلسطينيين قادرون بلا شك على توقيع اتفاقية سلامٍ أيضاً

أنك محقّ تماماً عندما قلتَ بأن السلام يتجاوز حدود توقيع الاتفاقيات، فالسلام الحقيقي يعني إزالة جدران الكراهية التي تحيطُ بنا، لأن المعضلات الحقيقية التي تقفُ عائقاً امام السلام ليست المعضلات الماديّة فقط – مثل الحدود والمستوطنات وغيرها – بل هنالك معضلات معنويّة تقف أمام تحقيق السلام بيننا، مثل الذاكرة والهوية وآلام الماضي

كذلك فقد كتبت في رسالتك بأن تعدّد الأديان من شأنه أن يقوّي من التزامنا بتحقيق السلام، وهذه العبارة تذكّرني بواحدة من الآيات القرآنية التي تقول: “وجعلناكُم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا”، فالقرآن في هذه الآية يؤكدُ على اهميّة التعددية الدينيّة، وباعتقادي هذه واحدة من أهم الرسائل التي يجب علينا فهمها في وقتنا الحالي

لقد أعجبتُ كثيراً بما ذكرته في رسالتك حين قلتَ بأن الأمر لا يتطلب معجزة لتحقيق السلام، خاصة إذا ادرك الجانبان أنهما يتصارعان ويقتتلان لانهما يحبّان هذه الأرض، لا لانهما يكرهان بعضهما البعض. أنا أؤمنُ بقوّة بأنه يجب على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أن يدركا تماماً بان كلا الجانبين لا يُضمر أية نواياً سيئة للآخر، وأن هذا الادراك يجب أن يتزامن مع فهم معمق للتاريخ ولأهمية تحقيق العدالة للجميع

إن واحدة من أهم العقبات أمام السلام تتمثل في انتماء وتركيز كل جانب على روايته التاريخية فقط دون أدنى اكتراث برواية الجانب الآخر، وقد قمت بتأليف هذا الكتاب على أمل ان نتمكن في يوم من الأيام من الإصغاء إلى بعضنا البعض وسماع الرواية التاريخيّة للجانب الآخر. وقد قمتُ بإضافة مجموعة من الرسائل التي تلقيتها من عدد من القراء الفلسطينيين إلى الطبعة الجديدة من الكتاب باللغة الانجليزية لكي يكون هذا نموذجاً يُظهرُ  أهمية الاحترام المتبادل أيا بلغت درجة الاختلاف بيننا 

ختاماً فإنني أشكركَ مُجدداً على إضغائكَ لقصّتي وروايتي التاريخية، وسيكون من دواعي سروري أن اتعرف عليكَ أكثَر، فهلّا حدّثتني عن نفسك وعائلتك وحياتك ان لم يكن لديك مانع

مع أطيب التحيات

يوسي كلاين هاليفي