هذا ردّ يوسي هاليفي على تعقيبِ السيّد أحمد سعيد من اليمن. لقراءة تعقيبِ السيّد أحمد بامكانك زيارة هذا الرابط

عزيزي أحمد

أتمنى ان تكون بأفضل حال في ظل هذه الظروف الصعبة التي نمرّ بها جميعاً

في البداية أود أن اشكرك جزيل الشكر على رسالتك الجميلة، حيث شعرتُ بسعادةٍ غامرةٍ عندما قرأت رسالةً آتية من اليمن، هذا البلد الذي يحتلّ مكانة مرموقة في المجتمع الاسرائيلي والثقافة الاسرائيلية بشكلٍ عام، خاصة عندما يتعلّق الأمر بالموسيقى اليمنيّة  والطعام اليمنيّ الرائع. ومثلما تعلم فإن يهودَ اليمنِ كانوا أوّل مُجتمعٍ يهوديّ ينتقلُ بأكمله للحياة في إسرائيل، وباعتقادي أن هذا لم يكن مجرّد صدفة، حيث أن يهود اليمنَ قد حافظوا على صلتهِم وارتباطهم بأرض اسرائيل لمدة طويلةٍ جداً قبل انتقالهم لإسرائيل، حيثُ بامكانك أن ترى هذا جليّاً في صلواتِ يهودِ اليمنِ واغانيهم وموسيقاهُم

إنني أٌثمّنُ عالياً أفكاركَ الرائعة ونواياكَ الطيبة لأن كلانا نعلمُ سوء الفهمِ الذي يُحيط باليهود وبتاريخهم ، بالتالي فقد تطرّقَت في تعقيبكَ لواحدةٍ من أهم القضايا التي يجبُ فهمها جيّداً، وهي قضيةُ رفضِ اليهودِ للاندماجِ والانخراطِ في الدول التي عاشوا فيها واصرارهم على العودة الى أرض إسرائيل. هذا الشوق والحنين لهذه الارض هو الذي ساعد اليهود على الحفاظ على هويتهم، لهذا يؤلمني جداً ما عاشه اليهود من كراهية وازدراء عندما كانوا أقلّياتٍ لا حول لها ولا قوّة في المجتمعات التي عاشوا بها سابقاً، وها نحن الآن نشعرُ بالشعور نفسه حتى ونحن أقوياء: شعورنا بكراهية الآخرين وازدرائهم لنا

إنني اتفهم حلمُك وأملَك بأن تكون هناك دولة واحدة تجمعُ الفلسطينيين والاسرائيلييين، لكنني في الوقت ذاته أشعر بأن حلّ الدولة الواحدة ليس حلّاً عملياً ، إذ لا يوجد على الإطلاق اي دولة ثنائية القومية في الشرق الأوسط، أما الدول ذات القوميات المتعددة مثل سوريا والعراق ولبنان يبدو وكأنها آخذةٌ في الانهيار. بالتالي فإنه وبعد مرور مئة سنةٍ من هذه الحرب المريرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين فإنه لن يكون من السهل أبداً أن يجدا طريقةً للتعايش مع بعضهم البعض في دولةٍ واحدة، خاصةً واننا لا زلنا لم نتفق بعدُ على قضية الحدود الفاصلة بيننا

أما السببّ الثاني الذي يجعلني أشعر بأهميّة  وفعالية حلّ الدولتين أكثر من حلّ الدولةِ الواحدة هو أن الشعبَ اليهوديّ يحتاج لأن يكونَ أغلبيّة في دولةٍ من الدول من أجل الحفاظ على الثقافة اليهوديّة في مظاهر هذه الدولة، اليهود بحاجةٍ لدولة تتقبل اليهوديّ كمواطنٍ فيها دون أيّ تذمر واعتراض. بالتالي تنبع أهمية الدولة اليهودية انطلاقاً من تاريخنا الطويل جداً من المعاناة من أجل الحفاظ على هويتنا اليهوديّة  في ظل وجودنا كأقليّة في مجتمعاتٍ عديدة في بقاع العالم، هذه الهوية التي تتعرض لمخاطر عديدة في ظل عصر الحداثة

بالتالي فإنني أؤيد وبشدة حلّ الدولتين لأن الفلسطينيين يستحقّون حياةً في ظلّ دولةٍ مستقلّةٍ، حيث بامكانهم فيها  الحفاظ على خصوصية هويتهم أيضاً. إن الهدف من وراء حلّ الدولتين هو أن يعيشَ الشعبان بسلامٍ وأمانٍ بجوار بعضهما البعض بحيثُ يشعرُ كل منهما بأنه يعيشُ في وطنهِ

مرةّ أخرى أكرر شكري لك ويسرّني أن نبقى على تواصلٍ، ويسرني أيضاً أن أتعرف عليك أكثر، فهلّا حدثتني عن نفسِك وعملك وعائلتكَ عزيزي أحمد

لك مني أجمل التحيات

يوسي كلاين هاليفي