هذا رد يوسي على تعقيبِ السيّدة داليا عزيزي من مصر، لقراءة تعقيب السيّدة داليا كاملاً تفضّلوا بزيارة هذا الرابط

 

عزيزتي داليا

بدايةً وقبل كل شيء، فإنني آمل أن تغفري لي تأخري طويل الأمد في الرد على رسالتك القيّمة والمهمّة

الإشكاليّةُ التي قمتِ بطرحها – أي علاقة اليهود بغير اليهود –  لتُشكل سؤالاً جوهريّاً بالنسبة لليهود اليومَ

إن أساسَ العقيدة اليهوديّة في التوراة هو الاعتقاد بأن الحياة البشريّةَ قيّمة للغاية. ولهذا السبب تبدأ التوراة بقصة آدم وحوّاءَ وليس بتأسيس الشعب اليهودي: وذلك لتعلّمنا بأننا كلنا جزء من عائلةٍ بشريةٍ واحدة، ونتشارك نفس الأب ونفس الأم. وإن أكثر الوصايا تردّداً في التوراة ليس الإلتزامُ بتقاليدِ وتعاليمِ يوم السبت اليهوديّ ولا قوانينَ الالتزام بالكوشر، بل تذكيرنا بأننا نحن اليهود كنا عبيداً في أرض مصرَ ولذلك يتوجب علينا معالمة غيرنا بكل عدلٍ. إذ جاء ذكر هذه الوصية 35 مرّةً في التوراة، وهي من أهم دعائم تقدير اليهود لكل إنسان حيّ

وتخبرنا قصة حاخامية مشهورة كذلك بأن الملائكة قد فرحوا  وابتهجوا كثيرا بغرق فرعون وجنوده في البحر الأحمر، لكن الله وبّخهم قائلاً: ألم أخلُق أنا المصريين أيضا؟ أنّى لكم أن تفرحوا بموت أبنائي؟. تعلمتُ هذه القصّة في المدرسة وأنا صغيرٌ جدّا وكان لها تأثير قويّ عليّ

وحين يقرأ المرءُ أسفار أنبياء إسرائيل، سيلاحظ وجودَ اهتمام كبير بحياة غير اليهود

ولذلك هذا جانبي من القصة: التوراة بنفسها تؤكّد على أهمّية ومدى قيمة الحياة البشرية بصفة عامّة، وبذلك لا يكون غير اليهود بأي شكل من الأشكال أقلَّ قيمةً من اليهود

لم تبدأ الأمور في أخذ منحىً معقّد إلا بعد تعرض اليهود للشّتات وعيشهم تحت الاضطهاد الشّديد، خصوصا في البلدان المسيحيّة، وفي أحيانٍ أخرى بالبلدان الإسلامية كذلك. ونتيجةً لهذا، فقد صار من البديهي والتقليدي لدى الشعب اليهودي رؤية غير اليهود عموماً كأعداءَ له. ولكن حتى ضمن فترات الشتّات فقد كان بينهم اختلاف حول هذه التساؤلات

بعض الاقتباسات التي أتيتِ بها كان مبالغاً في أمرها، وبعضها الآخر أخشى أن يكون مجرّد ابتداعات من أولئك الذين يسعون إلى  إلحاق الأذى بسمعة الشعب اليهودي. ورغم ذلك، توجدُ بعض المصطلحات الإشكالية حول غير اليهود والتي تشكل مع الأسف جزءاً من تقاليدنا وعاداتنا

أمّا اليومَ، فإن معظم اليهود لهم علاقات طبيعية مع غير اليهود وحتماً لا يرونهم كأعداءَ لهم. إن الوضع ذو إشكاليّة أكبر حين يتعلّق الأمر باليهود المُتديّنين الأرثوذوكس الذين يميلون لتبني أكثر الرؤى سلبيّةً حول غير اليهود

يؤسفني كثيرا سماع ما مررت به من تجربةٍ مروعةٍ في سيناء، وآمل أن يتسنى لك التعرف على المزيد من اليهود حتى تكتشفي أن ذلك الرجل لا يمثل الشعب اليهودي

يسعدني أن أكمل معك هذه المحادثة في حال كان هذا ذا نفعٍ لك

مع تحياتي

يوسي