مرحبا

انا اسمي إياس، شاب فلسطينيّ وُلدتُ في اسرائيل وأسكنُ حالياً في مدينة عرابة الواقعة شمال اسرائيل، وأنا أنتمي لمجموعةِ تدعى مجموعة الحوار من أجل السلام ، وقد شاركتُ في الخامس عشر والسادس عشر من شهر تموز 2019 في ورشة عملٍ عُقدت في المركز الفنلندي في القدس، وهنا أريد أن اشارككم ما قمنا به في ورشة العمل هذه والتي أقيمت برعاية معهد شالوم هارتمان ، حيث ضمت هذه الفعالية اثني عشر مشاركاً ومشاركة من مُختلفِ أنحاء البلاد.

بداية كان عليّ الوصول الى مدينة القدس في تمام الساعة الحادية عشر صباحاً، مما يعني أنه كان عليّ أن استيقظ الساعة الخامسة صباحاً حتى أتمكن من الوصول الى القدس في الوقت المناسب

بدأ يومنا بتعريفِ المشاركين عن أنفسهم ومن ثم تبع ذلك نقاش بسيط حول هويتنا نحن بشكلٍ خاص، مواطنين
:اسرائيل العرب ، أو الفلسطينيين الاسرائيليين، او أي تسمية أخرى ترغبون باطلاقها علينا. وهنا عرفتُ عن نفسي بالآتي

إنني أعرّفُ نفسي على أنني فلسطينيّ وُلد في إسرائيل، وهنا أريد أن اوضح نقطة مهمة وهي أن مصطلح عرب إسرائيل ليس صحيحاً بالنسبة لي، لأني لا أعتقد أن الحكومة الإسرائيليّة تمثّلنا كعرب بأي شكلٍ من الأشكال، خاصة بعد اقرار قانون يهوديّة الدولة، بالتالي فإن وصفنا بعربِ إسرائيل هو لفظ يساهم في اضاعة هويّتنا الفلسطينيّة، لكنه لن يغيّر من حقيقةِ أننا فلسطينييو الهويّة

وبعد ذلك تناولنا البيتزا وشربنا شاي الفيوز – وهو شاي غنيّ بأطعمة الفواكه ، وبالمناسبة فهو لذيذٌ جداً خاصةً مع البيتزا! – وخلال ذلك تحدثنا قليلاً مع بعضنا البعض، وفي خضمّ تلك الأحاديث الجانبية كنا تنبادل وجهات النظر حول ارتباطنا وصلتنا بهذه الارض وذاكرتنا عليها وارتباطها بدياناتنا

ومن ثم بدأت أكثر أهمّ فقرات هذا اليوم، وهي جلساتُ الحوار بين المجموعات، حيث تم تقسيمنا الى مجموعتين وتم وضع ميسّرٍ خاصٍ بكل مجموعة

ومن ثم جاءت الفقرة المفضلة بالنسبة لي خلال ذلك اليوم، وهي زيارتنا الجماعية للبلدة القديمة في القدس، حيثُ مشينا في ازقة المدينة لنكتشف الاختلافات بين حاراتها الاربعة، فبدأنا بالمشي انطلاقاً من حارة المُسلمين وحاولنا الدخول الى ساحة المسجد الأٌقصى الا اننا لم نتمكن من ذلك، ففي هذا اليوم كان يُسمح للمسلمين فقط بدخول المسجد الاقصى

بعدها تابعنا المشي باتجاه حارة النصارى ودخلنا الى كنايسة القيامة وشاهدنا المكان الي صلب فيه المسيح وشعرنا بأجواء الطمأنينة بداخلها، ومن ثم توجّهنا الى حارةِ اليهود لزيارة الحائط الغربيّ، حيثُ تملكني شعورٌ غريبٌ هنالك الا انني شعرتُ في الوقت ذاته بشيءٍ من الحماسة خلال هذه المغامرة

وبعد هذه المغامرة الجميلة توجهنا برفقة ستيف، وهو الشخص القائم على ترتيب ورشة العمل هذه، الى مطعمٍ مكسيكيّ وتناولنا وجبةَ تاكو لذيذة هناك

وستيفن شخصٌ يحظى باحترام الجميع ويصغي له الجميع دوماً، فهو شخصٌ محبّ لكل طفلٍ وشابٍ شارك في برنامج او ورشة عملٍ من تنظيمه، كما قام ستيف بمساعدتنا في التعرف على العديد من الامور والحقائق من حولنا لندرك اهمية هذه الفرصة الرائعة التي نحظى بها كمشاركين في برنامج الحوار من أجل السلام

وبعد أن أنهينا تلك الزيارة لأهم الاماكن المقدسة في مدينة القدس التقينا بمؤلفٍ مميّز يُدعى يوسي كلاين هاليفي، صاحب كتابِ “رسائلٌ إلى جاريَ الفلسطينيّ” وأعمالٍ أدبية عديدة أخرى مميزة. حدّثنا يوسي عن تجربة وجودهِ وحياتهِ في مدينة القدس، حيثُ كانت كلمات يوسي وقصتهُ تلامسُ قلوبنا، خاصة عندما تحدّث عن مشاعره وأفكاره تجاه الشعب الفلسطينيّ، وما أن انتهى من حديثه حتى بدأنا بطرح الأسئلةِ عليهِ بخصوص أفكارنا وآراءنا فيما يتعلق بما ورد في كتابه “رسائلٌ إلى جاريَ الفلسطيني” من افكار ومواضيع، وهو بالمناسبة كتابٌ مميّز أنصحُ بقراءته خاصةً من قبل الجيران على هذه الارض

ومع نهاية هذا اليومِ ، ومع انتهاء كل فقرةٍ من فقرات ورشةِ العملِ كانت مشارعرُ الصداقة بيننا تزدادُ شيئاً فشيئاً

وفي صباحِ اليومِ التالي تناولنا الحمص والكنافة على الفطور، ومن ثم بدأنا فقرات اليوم بنقاشاتٍ أكثر تعقيداً وصعوبة من اليوم السابق والتي تمحورت جميعها حول الاحتلال الاسرائيلي ويوم الاستقلال الاسرائيلي والتناقض بين اليهودية والديمقراطية الاسرائيلية، حيث استمعنا خلال النقاشاتِ لمعلمٍ فلسطينيّ حدّثنا عن قصّته وعن معاناتهِ كلاجيءٍ فلسطينيّ يسكنُ مخيمات اللجوء

وبنهاية اليوم الثاني تطرّقنا لنقاشات عميقة استعرضنا من خلالها حلولاً مقترحة لانهاء الصراع وكيف من الممكن أن يحلّ السلام بين الجميع، مختتمين اليوم بحلقةِ مشاركةٍ لخّصنا فيها العديدَ من القضايا التي ناقشناها خلال اليومين الماضيين.

ختاماً، أريدُ أن أعبر عن شكريَ وامتنانيَ للمركز الفنلندي الذي استضافنا خلال هذين اليوم، والشكرُ موصولٌ أيضاً ليوسي وميخال ومعهد شالوم هارتمان لرعايتهم وتنظيمهم ورشة العمل هذه، وإنني لا أبالغ حين أقول بأن ما تعلمناه خلال هذين اليومين يحتاج أسبوعا بأكمله على الأقل لنتعلّمه في برامج وورشات عمل مشابهة.

كما أريد أن اشكرَ ستيف على مجهوده الرائع والمتواصل معنا والذي يساهمُ في خلق وتقوية علاقات الصداقة بيننا، فتحياتي الحارة  لستيف وتقديري العميق لبرنامج الحوار من أجل السلام المميّز

———————————————————————————————————————

لقراءة المقالة الأصلية والمنشورة باللغة الانجليزية عبر موقع الحوار من أجل السلام/ديبايت فور بيس بامكانكُم زيارة هذا الرابط