رسالة إلى جاري اليهودي

 من اللحظه التي رأيت فيها خبرا على أحد مواقع الصحفية لا أذكر كانت فلسطينية أم إسرائيلية وانا في ذهني تلك الرؤيا انني أود قراءة رسائلك او كتابك ومن ثم سيأتي يوم واكتب ربما كتيبا او رسائل ا عنوان المرسل إليه فيها هو أنت جاري اليهودي أو الاسرائيلي وذهبت الأيام ومضت ثم عادت تحمل معها رابطا لموقع فيه إسم الكتاب هممت  بفتحه بسرعة وبلهفة رغم أني سمحت لشعوري بالعجز أن يهزمني لوقت من الزمن حيث توقعت أنني لن أستطيع أن اجد هذا الكتاب على رفوف المكتبات الفلسطينية, وموقع أمازون لا يوصل منتجاته لفلسطين

 ضغط على زر تحميل وإذ النسخة العربية مجانا للقراءة, ورغم  ذلك سألت اصدقائي الإسرائيليين عن إمكانية توفر النسخة الإنجليزيه منه  كوني أحب الكتاب الورقي أكثر رغم أني أحب أن أحافظ على شجرة ستقطع ليصنع منها هذا الكتاب لكنني أيضا في هذه المعضلة  إذ أريد أن أحافظ على نظري لأرى به الأشجار التي أحب أن أحافظ عليها فسأقرا كتابك بالعربية على شاشة الحاسوب المحمول الذي الذي اصلحته للتو بدلا من الهاتف ثم سأستعير الكتاب باللغة الإنجليزية من صديقة كانت قرأتة كما انه كتاب صغير لكن في طياته يحمل رسائل وزنها أكبر معنويا من وزن الورق الذي كتبت عليه و قيمتها أكبر معنويا من الحبر الذي كتبت به:  كيف لا وهي قد أتت من بعيد.. من بعيد بعيد لاعجب لموقع امازون أن يأخذ مبالغ طائله ليرسل تلك الطرود لهذا المكان القريب البعيد. هذه المقدمه التي سارعت أصابعي لكتابتها بشكل عفوي فور قراءتي لكلمه في مقدمتك تقول فيها أنني أستطيع أن أترك لك رساله على الموقع الالكتروني

إلى جاري أو ابن عمي 

لا أدري في حالتنا هذه يا أخي كلمة جاري أو ابن عمي كما يحلو للبعض أن يقول من باب الطرافة يختلجها بعض الصواب, لكن كلمة جاري إن أخذتها في هذه أخذتها يمكن لي بهذه الحالة أن أسقط الكثير من ما نتشاركه من قواسم كالجينات والتاريخ وجذور اللغة والعادات الشرق أوسطية, أو ما زلنا نحافظ عليه منها في خضم هذا الإستعمار للشركات والعولمة, وناهيك عن ما يتقاسمه المتدينون من يهود, مسيحيين, ومسلمين الذي أكتشفه أكثر فأكثر كل يوم أرى فيه طقسا إسلاميا أو يهوديا أو أقرا فيه نصا في العهد القديم أو الجديد, أو القرآن, أو مسيحيا, أو في الموروث الإسلامي

في كل زاوية, وفي كل ركن في هذه المنطقة الجغرافية, هناك قصة تحت كل حجر, وكما قال المسيح: الله يقدر أن يصنع من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم فما بالك بهيكل مبني من حجارة حية؟! لا سيما إن كان يشترك معا على أرض فيها حجارة  لو نطقت لذكرت قصص إبراهيم وما بناه من مذبح وداوود الذي أعطاه الله قوة ليكون محاربا الذي حلم بأن يبني هيكلا لله لكن الله كان معه في خيمة, كانت قد سقطت لكنها كانت قوية حيث كانت قادرة أن تقيهم إذ سقطوا, وتائهة ولكنها كانت قادرة أن ترشدهم في البرية وهم أضعف من أن يصلحوا شقوقها 

فهل الخيمة أقوى من الهيكل أم الهيكل أضعف من الخيمة؟! أم أنه الله القوي عند ضعفنا ونحن أقوياء بقوته؟

من تلتي في رام الله التي يسميها بعض الإسرائيليين وبعض السياسيين, وبعض السياسيين وبعض اللاهوتيين, بيت إيل فإني أرى القدس او أورشليم أو اورسالم  روشالوميم, يمكنك أن تختار ما شئت من الأسماء

فإني من شرفتي في رام الله أو من شرفتي في رام الله أو من شرفتي في بيت لحم سواء من بيت جالا المرتفعة أم من بيت ساحور التي تحتضن حقل الرعاة وحقل بوعز الذي يسطر قصة حب وسلام بين راعوت ونعمة وبين الشعب المختار والشعوب المختارة الأخرى, فإني أرى في القدس كل النقائض من سلام وحرب, ومن خشوع وضجيج , من سبات(شبات) ومن اكتظاظ, من تدين وانحلال, ومن قيود من خوف وغضب, من قوة في وسط الضعف, وضعف ممزوج بخوف لحارس يحمل بكامل عتاده, ومن ضعف لشاب أو طفل مجرد من كل شيء سوا اليأس. وغضب تشرًبه من مساقي كثيرة صبت أنهرها في بحر غضبه في محفظة خيباته, عبأت ألوانها في صندوق احلامه المحطم

أرى مدينة ميدنة يحلم أن يذهب لها كل شاب فلسطيني خارج ذاك الجدار وفي نفس الوقت لا يريد أن يطأها. يريد أن يذهب لان يصلي هناك لما تحمله من معاني دينية وروحية أو بسبب ما يؤمن به أو ما يريد ان يؤمن أو ما لا يريد أن يؤمن به 

بسبب ما يبحث عنه في ما يقوله أو يسمعه عن روحانية ذلك المكان سواء في باحات المسجد الأقصى أو لدى الحائط الغربي, أم يريد أن يذهب لحانات القدس الغربية التي لا يهدأ بعضها حتى في ليالي الجمعة

وكذلك جزء منه لا يريد أن يذهب لأن فكره وجسده يتعب من جراء التفكير في ذلك الطابور الطويل على الحاجز مصحوبا بالتفتيش وسط بكاء الأطفال وتذمر العجائز أو من استحالة حصوله على ورقة تسمح له ربما بالدخول من هذا الحاجز لكن لست متأكدا من أنها ستمكنه من تجاوز الحواجز الفكرية والنفسية التي بداخله, أو ما ينتظره من حواجز أخرى عنصرية 

حاجز آخر على أبواب مؤدية لقبة الصخرة, يسألك الشرطيون فيها عن ديانتك كون نفس المكان مقسم بين اليهود والمسلمين والسياح زمانيا ومكانيا, وإذا استعصى الأمر يأتي شرطي اسرائيلي آخر عربي العرق ليسأل عن ديني! ولكن جميعهم لا يستطيعون هم ولا جميع الوثائق أن تفحص إيماني الشخصي أو ما إذا كنت ملحدا تائها أو محتالا 

وقيود وحواجز أخرى سيواجهها هذا الشاب من السياسات العسكرية المتبعة ومن سلاطين الدين وطوائفه المختلفة, الذين لربما ينتقدون لباسه أو لكنته أو طريقة صلاته

هل سيستطيع هذا الشاب مواجهة كل نا تراه العين من متدينين مسلمين ويهود يرى الشاب أنه أقل من أن يصل إليه. أو من تشدد يرى أنه أرفع من أن يدنو إلى مستواه. من إطلاق للحية وحف للشوارب وتقصير للباس واستخدام السواك وربما زبيبة على الرأس وغطاء يجمع اليهود والمسلمين ويفرقهم في آن

أم بأي عين مندهشة في آن وغاضبة في آن آخر وخائفة من المجهول ويد تسعى لاستكشافة في الأحياء اليهودية من عائلة قادمة من بولندا تشبه في لباس نسائها لباس بعض العرب , ولكن في هويتها تبدد كل ملامح التشابه تلك.

دعني أقول لك أمورا أخرى عن ما تراه من شباك نافذتك عن التلة الأخرى

فالدخان الذي تراه عادة ربما لا يكون دخان إطار يحرق احتجاجا على السجن الكبير بل ربما نفايات يتم حرقها وتقليل حجمها لأنها الطريقة الوحيدة التي تقوم بها خمس أحياء من أحياء القدس التي تدفع الضرائب بها, فهي لا تتلقى أي خدمات من بلدية القدس كونها تم اخراجها هي وسكانها الذين يزيد عددهم عن مئة ألف شخص خارج الجدار, حيث يعبرون إلى عملهم ومدارسهم ووطنهم من هذا الحاجز كل يوم, فلا يسمح لبلدية رام الله أن تجمع النفايات هناك لأنها مناطق تتبع بلدية القدس والسلطات الإسرائيلية, وبلدية القدس وإسرائيل ترفضها. كأنها غبن غير شرعي رفضه الجميع, وكأنها حجر العثرة الذي رفضه جميع البناؤون. فهل يهدم هذا الحجر البناء كاملا؟!

أم نأتي بحجر الزاوية حتى نبني به منزلا أساسه الصخر, منزلا لا تحركه ريح ولا يزحزحه سيل

 

وتقبل أطيب التحيات

م.غ  من بيت لحم