هذه رسالةُ الدكتورة إلهام مانع رداً على رسالةِ يوسي كلاين هاليفي، لقراءة الرسالةِ الأولى بامكانكَ زيارة هذا الرابط ، ولقراءة رسالة يوسي كلاين هاليفي تعقيباً على الرسالة الأولى للدكتورة إلهام بامكانك زيارة هذا الرابط

——————————————————————————————————————–

عزيزي يوسي

لقد تلقّيتُ رسالتكَ يوم الأحد الماضي، ولا أخفي عليكَ تأثري بكلماتكَ الصادقة واعتزازي بما كتبتَ، لكنني كنتُ مسافرةً في اليوم ذاتهِ الى النمسا للمشاركةِ في ورشةِ عملٍ لمدة أسبوع، لهذا قررتُ أن أردّ على رسالتكَ بعد عودتي من السفر

حقيقةً فقد قرأت رسالتكَ عدة مراتٍ ، وهنا دعني ابدي اعجابي بأسلوبكَ في الكتابةِ، هذا الأسلوب الذي يجعلني أرغبُ بشغفٍ لمعرفةِ المزيد. إن زيارتي  لإسرائيل قد عرّفتني علي الجانبَ الانساني لهذه الدولة، بيدَ أن كلماتكَ عزّزت هذا الجانبَ وجعلتني أدركُ بأنه يجبُ عليّ أن أتعلّم المزيد عن المعتقدِ اليهوديّ. إننا لا نعلمُ الكثيرَ عن بعضِنا البعض، وحتى هذه المعرفةُ القليلةُ التي نمتلكها عن بعضنا بعضاً تكون بالعادة مُغلّفةً بالكراهية والأكاذيب، وهذا هو الوقتُ المناسبُ لتغييرِ هذا الواقع

إنني أتفقُ معكَ في النقطة التي طرحتها بخصوص حاجتِنا الماسّة الى شراكةٍ من هذا القبيل، اضافةً إلى حاجتنا الماسةِ للأملِ والنوايا الحسنةِ والمثابرةِ والعمل الجادّ. إنني اعتبرُكَ صديقاً وأعتقدُ أن لدينا الكثيرَ من القواسمِ المُشتركةٍ رغم أنني لم ألتقِ بكَ حتى الآن.لكن السؤال الذي يطرحُ نفسهُ الآن: ما الذي يتوجبُ علينا القيامُ به مُستقبلاً؟  إننا نتّفقُ مع بعضنا البعض، لكننا نحتاجُ الى إيجادِ الحشدِ الذي بإمكانهِ أن يخلقَ التغييرَ في العقولِ والقلوبِ، لأن حالةَ الخوفَ وانعدام الثقةِ والكراهيةَ – هذه المشاعر المتغلغلةُ في نفسونا بعمقٍ مع الاسف – لا يمكنُ مواجهتها الا عبر خططٍ مُمنهجةٍ من شأنها أن تغرسَ القيمَ الانسانيّة المُشتركة مكانَ تلكَ المشاعرِ السيئة

كم أتمنى لو كان بإمكانِنا أن نزرعَ في نفوسِ أبنائِنا الثقةَ بهذه القيمِ الإنسانيّة، لأننا حقيقةً ننسى بأن هؤلاء الذين نعتبرهُم أعداءاً لنا هُم بنهاية المطافِ بشرٌ، هُم مخلوقاتٌ ضعيفةٌ مثلُنا تماماً، وبأنهُم يبحثونَ جاهداًعن الحبّ والأمان ويطمحون لصنعِ مستقبلٍ مُشرقٍ لهُم ولأبنائِهم

عزيزي يوسي، إن التطرّفَ والمتطرّفين لا يؤمنون بهذه القيمِ البشريّة، بل ينتهجون العقلية القبليّة التي تنظرُ إلى الناس على أنهم  إمّا مِن ” جَماعَتي ” أو من “جَماعتِكَ”،  وهُم لا يؤمنون بتاتاً بإمكانيّة اتّحاد هاتين الجماعتين، إلا أنه يتوجّبُ على هاتين الجماعتين أن يتّحدا معاً

كذلك فإنه سيكونُ من دواعي سروري أن أزورَ إسرائيلَ وألتقي بكَ، وسأكونُ مسرورةً أكثرَ بقبول دعوتكَ لي على العشاءِ، لكنني أعتقدُ بأن هذا الحوار عليه أن يستمرَّ ويتّخذَ منحاً جدّياً إلى ما وراء تبادلِ الرسائلِ، منحاً عمليّاً تُترجمُ عبرهُ رؤيتَنا في بناءِ الأمل على أرضِ الواقع. ربّما يتوجّبُ علينا أن نبدأ بمبادرةِ سلامٍ في الشرق الأوسط يقومُ عليها أولئكَ الراغبونَ حقاً برؤيةِ منطقة الشرق الأوسط التي يعيشُ فيها الجميع فيها بسلامٍ وازدهار، هذه المنطقةُ التي يُنظرُ إلى دولةُ إسرائيل فيها على أنّها دولةٌ جارةٌ وصديقةٌ

وتقبّل تحياتي ، على أملِ أن يجمعنا لقاءٌ قريب عزيزي وصديقي يوسي

د. إلهام مانع

—————————————————————————————————————

  .د. الهام مانع، هي أكاديمية مختصة بدراسات الشرق الأوسط وكاتبة وحقوقية تحمل الجنسيتين السويسرية واليمنية