هذا رد يوسي على تعقيب السيّد جهشان من اليمن، لقراءة تعقيب السيّد جهشان كاملاً تفضّلوا بزيارة هذا الرابط

عزيزي جهشان

 

شكراً لك على ردك الصريح، في الوقت نفسه لا أخفيك مدى شعوري بالألم أثناء قراءتي  لرسالتك . لكن انا مُمتن لك لأنك اخذت من جزءاً وقتك لقراءة كتابي وكتابتك للتعقيب، وهذا ما اطمح إليه لا أكثر ولا أقل

انت تقوم بالتوضيح لنقطة ضرورية وهي ان اليهود بكل بساطة قد قاموا بخلق هذا الصراع عن طريق “الظهور” بعد سنوات عديدة من الغياب. وما حاولتُ ان اظهره في كتابي هو أن إيماننا العميق بأننا سنعود ذات يوم إلى هذه الارض يشكل ركناً أساسياً في الهوية والعقيدة اليهودية. انا اتفق معك في شكل العودة وبانه ربما كان إلى حد ما أمراً غير منطقي، لكن الشعوب لا تتصرف بالضرورة على اساس المنطق وحده، حيثُ قمات عودتنا على اساس احساسنا العميق بقصتنا وجذورنا بهدف  قدماً نحو تحقيق هدفنا ومستقبلنا، وهذا جميعه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه الارض

في الواقع  انّ التيار الرئيسي للحركة الصهيونية كان يدعم دوماً التسوية الاقليمية، وحل الدولتين يُعطي الاسرائيليين شعوراً بأننا كنا مُنصفين. اعرف ان الفلسطينيين وغيرهم الكثير من العرب يرون “الانصاف” بنظرة مختلفة تماماً : من انتم ايها اليهود لتُبدوا مشاركتكم بتقاسُم الارض مع الناس الذين عاشوا فيها طوال هذا الوقت؟ وهذه  ايضاً وجهة نظر عادلة. لكن يمكنني ان احوّل حُجتك واقول: لا احتاج لاحد بأن يعطيني حقي الشرعي في وجودي على هذه الارض،  خصوصاً ان اليهود بالفعل نجحوا في العودة الى هنا

حينما تسأل : “من يحدد ما اذا كان المشروع الصهيوني فعلاً “مشروعاً او شرعياً”؟ رّدي الاول هو : الواقع . نحن موجودون على هذه الارض ونجحنا بالعودة إلى إسرائيل  من اوروبا الشرقية والشرق الاوسط ومن مائة بلد ولقد بنينا دولة مزدهرة وناجحة، ولدينا الحق في الوجود لأننا موجودون بالفعل، هذا طبعاً دون أن نخوض وندخل في تفاصيل تاريخنا وشرعيتنا التاريخية للوجود على هذه الارض

بما انك من اليمن فيمكنني ان اقول لك بأن اليهود اليمنيين الذين أعرفهم يتملكهُم غضب شديد تجاه البلد الذي عاشوا فيه لقرونٍ عديدة  بسبب ما عانوه من دونية واضطهاد وخوف في اغلب الاحيان. اما هنا فقد منحتهم اسرائيل وطناً امناً تماماً كما منحته لليهود جميعاً من الشرق الاوسط . في الوقت ذاته فانني أُدرك حجم معاناة اللاجئينَ الفلسطينيين، ولكن هذا الصراع قد أسفر عن مأساتينِ للاجئين لا مأساوة واحدة: اللاجئيون اليهود واللاجئون الفلسطينيون. اما بالنسبة للاجئينَ اليهود فقد اُعيدَ توطينُهم  في إسرائيل، اما اللاجئينَ الفلسطينيين فلا تزالُ قضيتهم تنتظر حلاً عادلاً 

في الختام،  فوجئتُ بقراءة ملاحظاتك الختامية التي عبّرتَ خلالها بقلق من ان العقول “الهشة” قد تتأثر بكتابي. ما نوع العقول الهشة التي عبّرتَ عن قلقك اتجاهها؟ أليس التبادل الحُرّ والمفتوح للأفكار والحُجج أفضل للرقابة؟ أليست الرقابة الفكرية سبب جزئي الذي يجعل العالم العربي لم يحتل مكانه الشرعي الكامل في العالم الحديث؟

وبالمناسبة، لقد ختمتُ الطبعة الجديدة من كتابي بنحو 50 صفحة مليئة بالتعقيبات الفلسطينية . لقد قررتُ ان اعطي الرّواية الفلسطينية الكلمة الاخيرة في كتابي، لأنني اؤمن على وجه التحديد بأنّ هذا المنظور يحتاج الى ان يتم قراءته ، وخاصةً من قبل اليهود، وهذه الرسائل والتعقيبات للقراء الفسطينيين ستظهر أيضاً في الطبعة الاسرائيلية التي ستُنشر خلال هذا العام. انا لا اخشى المنظور المعاكس، ربما حان الوقت لندع آذاننا تُصغي الى اصواتٍ لم نعتد على سماعها من قبل 

مع اطيب تحياتي

يوسي