عزيزي ع.عطّار

بدايةً دعني أعبرُ لكَ عن شكريَ الشديد لكلماتكَ الجميلة في وصفِ كتابي “رسائلٌ إلى جاريَ الفلسطيني”، كما أريدُ عن أعبّر لك عن عظيم امتناني لمجهودكَ ووقتِك الذي أمضيتهُ في قراءت كتابي وكتابةِ تعقيبٍ عليه

إنني أقدّرُ بشدّة تركيزكَ على سيكولوجيّة الصراع العربيّ الإسرائيلي، كما أنني اتّفقُ معك بشدّةٍ في النقطةِ التي طرحتَها فيما يخصّ الدورَ الذي تلعبهُ ثقافةُ الشرفِ والعارِ  في وجودِ مشاعر الكُرهِ والضغيّنةِ التي يُكنّها العالمُ العربيّ لليهود، خاصةً عندما يتعلّقُ الأمرُ بعارِ الهزائمِ العربيّة أمام دولةِ إسرائيل التي تُعدّ من وجهة نظر العربِ دولةَ اليهودِ الضعفاء، هؤلاء اليهودُ الذين شكّلوا أقليّةً دينيّة وسكانيّة لم يكُن لها حولٌ ولا قوّة في المُجتمعات العربيّة والإسلامية لقرونٍ مضَت، فيما شكّلوا أقليّة مُستضعفةً لمدةٍ امتدّت آلاف السنواتِ في بعض الدولِ كالعراق

كذلكَ فقد تنوّعت معاملةُ العربِ والمسلمين لليهودِ من منطقةٍ لأخرى ومن وقتٍ لآخر، لكن الأمرَ المُشتركَ الذي بإمكاننا تعميمهُ عن واقع حياةِ اليهودِ في جميع هذه المناطقَ وفي مُختلفِ الأزمنة هو أن اليهودَ كانوا أقليّة مُستضعفةً لم تتمتع بأكثر مما تمتّعت به الطبقةُ السُّفلى من كلّ مُجتمعٍ عربيّ ومسلُم

وحقيقةً فإنني لا أعلمُ ماذا أفعلُ حيالَ هذه الحقائق، لأنني أخشى أن تُفسّرَ أيّ محاولةٍ ٌقد أقومُ بها للتطرّق لمثل هذه المواضيع على أنّها عملٌ يهدفُ إلى تسجيلِ النقاطِ على حسابِ الطرفِ الآخر، أو لربّما قد يُفسّرُها البعضُ على أنه عملٌ يهدفُ إلى المزاودةِ على الطرفِ الآخر وتاريخه، الأمر الذي سيؤدّي إلى نتائجَ سلبيةٍ بكل تأكيد

بالتالي فإن إثارةَ مثلِ هذه المواضيعَ و نقاشَها والحديثَ عنها يجبُ أن يتمّ بين العربِ أنفُسهِم، كما ويجبُ أن يقودَ أشخاصٌ مثلكَ زمامَ المبادرةِ لوضعِ هذه المواضيع على طاولةِ النقاش العربيّ ، خاصةً وأنك – مثلما تفضّلتَ في رسالتكَ – تبحثُ باستماتةٍ عن سُبلٍ من شأنها أن تغيّر الواقعَ الحاليّ في المُجتمعاتِ العربيّة

إنني ممُتنٌ جداً لكَ على هذا التعقيبِ الرائع، وتقبّل أطيبَ التحياتِ

يوسي كلاين هاليفي