هذا ردّ يوسي على تعقيب السيّد رمزي ناري من العراق. لقراءة تعقيب السيّد رمزي كاملاً تفضّلوا بزيارة هذا الرابط

 

عزيزي رمزي

أشكرك كثيراً لدفء وتميز ردك العميق على كتابي. لقد لامست رسالتك مشاعري منذ بدايتها إلى نهايتها. أشكرك كذلك على أفكارك وآرائك القيمة واهتمامك بالشعب اليهودي وعلاقة الصداقة التي تربطك به، فحينما استعملت عبارة “صديقي يوسي” أخذتها على محمل الجد، انه لمن دواعي سروري أن أكون صديقاً لك

إن فهمك العميق لتاريخ وتجربة الشعب اليهودي، إضافة إلى كونك تمتلكُ ذكريات خاصة عن الحياة اليهودية في العراق قد حرّك مشاعري بعمق، كما أنني آمل أن نتمكن في يوم من الأيام من أن نشفي جراح الماضي عبر تواصلنا ببعضنا البعض، كوننا لا نستطيع تغيير أي مما جرى مسبقا

لقد أثار اهتمامي قولك بأنني قد منحت الدين مساحة كبيرة جدّاً في كتابي، وتساءلت عمّا إذا كان غالبية اليهود يتشاركون معي رأيي ومواقفي: إن أغلبية اليهود المتدينين هم أكثر تحفّظاً وتزمتّاً مني بلا شك، لكن في الوقت نفسه فإن آرائي ومواقفي هذه حاضرة بقوة في النقاش السائد لدى الرأي العام الإسرائيلي. أما بالنسبة لكون الدين يحتلّ حيزا كبيراً من كتابي فالجواب ببساطة هو أنني إنسانٌ متديّن، ورؤيتي للعالم هي رؤية من منطلق ديني، ولذلك فإنني أحاول جاهداً أن أكون على طبيعتي خلال تواصلي مع جيراني

لكن هناك سبب آخر أكثر عمليّة: مثلما تعلم فإن الدين في الشرق الأوسط يسيطر على كافة مجالات الحياة، لهذا فإنني أؤمن بأننا سنحتاج الصبغة الدينية لأجل تحقيق السّلام وتقديم تنازلات مشتركة لبعضنا البعض. ومثالا على كذلك، لمّا وقعت البحرين والإمارات العربية المتحدة اتفاق السلام حديثاً مع إسرائيل، قاموا بتسميته “اتقاقيات ابراهيم”، كونهم أدركوا ضرورة احتياجهم لإرساء السلام بشكل تقليدي، وذلك ما آمل أن أقوم به أنا كذلك من خلال كتابي هذا

وبالنسبة لما إذا كان الفلسطينيون “سيتعاطفون” مع المعاناة اليهودية، فإنني وبكل صراحة لا أتوقع ذلك، كون طموحي ليس الإقناع بل الشرح، وليس تغيير الآراء بل مساعدة جيراني على فهم الأسباب وراء تفكيرنا نحن اليهود بهذه الطريقة

سألني القرّاء مراراً وتكراراً عمّا إذا تأثرت مواقفي وأفكاري حول الصراع بعد ما قابلتُ الفلسطينيين وتحدثتُ إليهم، والحقيقة بكل صراحة أن أفكاري قد ظلت كما هي. ولكن حتى لو لم تتغير أفكاري فإنني أنا شخصيّا تغيرت، إذ لم أعد أختبئ خلف غضبي وخوفي كإسرائيلي متجاهلاً ما يحدث لجيراني الفلسطينيين. لازلت أؤمن بأن القادة الفلسطينيين يتحملون مسؤولية فشل تحقيق السلام لحدّ كبير، فكان من الممكن إقامة دولة فلسطينية لو كان عرفات مستعدّاً لتقديم تنازلات، ولو لم يكن عبّاس يضيّع العديد من الفرص الواحدة تلو الأخرى. حينها كنت لأنهي النقاش بهذه الجملة: لو كنتم أيّها الفلسطينيون ترغبون في إنهاء الاحتلال، اشتكوا إلى قادتكم

لكن الواقع اليوم يختلفُ تماماً، وأشعر بأنني يجب أن أحمّل قيادتنا أيضا المسؤولية إلى جانب القيادة الفلسطينية، إذ ليس الجانب الفلسطيني وحده من يلامُ في ذلك. وفي هذا المعنى، فإنني فعلاً قد تغيّرت، أي لقاء بيننا نحن البشر له القدرة على تغييرنا، وبنفس المعنى فإن هذا ما أسعى إليه: أن أغيّر جيراني وأن يغيّروني

آمل أن تزورني يوماً ما في أورشليم وأهلاً وسهلاً بك هُنا متى حلَلت

مع أطيب تحياتي

يوسي