هذا رد يوسي على تعقيب السيّد محمد. س من المغرب. لقراءة تعقيب السيّد محمد كاملاً تفضّلوا بزيارة هذا الرابط 

عزيزي محمد

أودّ في البداية أن أعبّر لك عن امتناني وتقديري لرسائلتك العميقة والدافئة

مثلَكَ تماماً، تغمرني السّعادة بمناسبة إعلان إقامة علاقات رسميّة بين دولتينا معاً. ما يثير اهتمامي في الأمر هو أنّ علاقة المغرب بالشعب اليهودي لم تنقطع أواصرها البتّة، إذ استمرّ الارتباط بين المغرب وجاليته اليهودية رغم مغادرة كل اليهود تقريباً لأرضه حيث ما لبث اليهود المغاربة يزورونه ويزورون أضرحة ومقامات الحاخامات الموقرين. وإني لأعلم تمام العلم بأن الحفاظ على علاقة المغرب بماضيه اليهودي يحظى بتأييد ودعم العديد من المغاربة المسلمين

إنّ كلّ هذا يشير لأن علاقة المغرب بإسرائيل ليست علاقةً براغماتية مبنية على مصالح محضة – رغم أهميتها في العلاقة بين البلدين- بل أيضا على ارتباط ثقافي عميق للغاية. وإن الاهتمام المتبادل بين المغاربة مسلمينَ ويهودَ في الحفاظ على هذا الارتباط يعني بأنه قد لازال بإمكاننا الاستفادة منه كنموذجٍ في ما يخص مستقبل الشرق الأوسط

وبالنسبة لي، فإن أحد أكثر الجوانب إيلاما في هذا الصراع الذي دام سبعين عاماً هو نكران جذور الأمة اليهودية في الأرض التي نتشاركها مع الفلسطينيين. وما يثير للسخرية في الموضوع هو أن للشعب اليهودي روابط مباشرة بأقدم أصوله، وبقولي لهذا فإني لا أنوي بأي بتاتاً نكران انتماء أي شعب لأرضه الأم، إذ أن كل شعوب هذه المنطقة في نظري أصلية؛ إلا أنه وبالرغم من ذلك فإن اليهود من الأمم القليلة التي لازالت على نفس ملّة ولغة أرض أسلافها الذين عاشوا عليها قبل آلاف السنين

وبالحديث عن ذلك فإنني أعتبرها معجزةً بحدّ ذاتها أن يعترف اليهود المغاربة والإثيوبيون والبولونيون والأمريكيون والعراقيون ببعضهم كيهود من أمّةٍ واحدةٍ عند عودتهم لأرضهم بعد غياب طال أكثر من ألفي سنة. لا توجد قصّةٌ مماثلةٌ لهذه إطلاقاً

أقدر عالياً رغبتك في سماع الرواية اليهودية. إن نيّتك الحسنة وانفتاحك الفكريّ والعاطفي يمنحانني أملاً فيما يتعلّق بمستقبل منطقتنا ومستقبل البشريّة جمعاء

مع أطيب تمنياتي ومباركاتي

يوسي