6 أبريل 2021

عزيزي السيد يوسي كلاين هاليفي

تحية طيبة وبعد

لقد تشرفتُ مؤخراً بقراءة كتابك “رسائل الى جاري الفلسطيني“، فكان أول ما لفت انتباهي في هذا الكتاب هو عنوانهُ الذي يصف بطريقة بسيطة الشعب الفلسطيني على أنه جارك، هذا الوصف ما هو إلاّ تصريح قوي يحمل في طياته الألفة والمحبة والتقدير. كذلك انّ استخدام مصطلح “جاري” يعترف بشعور الانتماء الى نفس الارض والمساحة والوجود الفعلي في هذا المكان. إنّ كُل ما تمّ ذكره يُعطي لحناً خاصاً للكتاب يستطيع القارئ تمييزه وأدراكه، وانا بدوري كقارئ اخذت منه ثلاث نقاط رئيسية اعتقد انها يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار خلال  أي حوار فلسطيني الاسرائيلي مستقبليّ

اولاً: انّ كتاب “رسائل الى جاري الفلسطيني” يؤكدُ على اهمية العمل على تحقيق تفهّم متبادل بين الجانبين. حيثُ يتوجب على كليهما أن يأخذا على عاتقهما بعض المسؤولية في محاولة معرفة وفهم الاخر، سواء من الناحية الثقافية او التاريخية او الدينية. انّ ما وردَ في  نصّك عن كيفية تحقيق السلام بهذه الطريقة كان له صدى فعلي في داخلي، لأن السلام الحقيقي يمكن تحقيقه اذا ما قام الأفراد بتغيير عقليتهم وأفكارهم، بغض النظر عن السياسات او المعاهدات الحكومية. إن مفهوم “السلام الودّي”  – من وجهة نظري – يُمكن أن يمثّل نقطة بداية مشتركة لكلا الجانبين اذا ما توافر عمل متواصل من أجل تحقيقه

ثانياً: انّ كلماتك كانت عادلة ومدروسة وعقلانية وموضوعية بشكلٍ لافتٍ للنظر. وانّ تفعيل مثل هذا التفكير المنطقي امرُ بالغ الاهمية في عملية صُنع القرار، خاصةً عندما يكونُ الوضع بطبيعته مشحوناً عاطفياً على كلا الجانبين، لأننا لا يجبُ أن نكون ” تجسيداً حياً لأسوأ الكوابيس التاريخية التي يعيشها بعضنا البعض”. إن الطاقة التي نهدرها كثيراً في التشكيك في دوافع و أفكار ومعتقدات الاخرين يمكن استثمارها بشكلٍ أفضل من أجل المضيّ قدماً نحو تحقيق التفاهم المتبادل، كما تمت مناقشته بالطريقة التي ذُكرتها في النقطة السابقة

ثالثاً: إنني أتفق معك في ان مفهوم حب البلد والاعتزاز بهوية المرء ينبغي ان لا يمنعنا من انتقاد ذاتنا. فعلى سبيل المثال كون المرء إسرائيلياً او فلسطينياً او مغربياً او امريكياً فخوراً بهويته، لا يعني أنه بالضرورة سيكون راضياً عما سينتج عن قيامه بإجراء تقييم او حتى انتقاد ذاتيّ لنفسه وهويته، وإن حب المرء لهويته ووطنه يجب أن يكون سبباً لكي يستكشف أحدنا الأخطاء الموجودة في هويتنا حتى يقوم بتصحيحها وتغييرها نحو الأفضل

إن حياتنا المُعقدة والمتعددة الأوجه والتي يُساءُ فهمها في كثير من الاحيان، هي في الواقع “متشابكة”. وانا شخصياً ارى انه من اجل صُنع تغييردائم في عقليات الافراد يجب على الإنسان أن  يمنح نفسهُ الفرصة للتفاعل مع غيره والتعرف عليهم  بهدف، الأمر الذي سيمكنُ البشر من معرفة بعضهم بعضاً ونسج علاقات طيبة مع بعضهم البعض، حينها يمكننا ان نصل الى اعتراف حقيقي بهذه الحالة  من التشابك

في الختام، فإنني أشعر بسعادة غامرة للبدء بهذا العمل عن طريق منظمتي الجديدة “جمعية الصداقة المغربية الاسرائيلية”، وآمل ان نتمكن من التواصل لمناقشة امكانيات العمل معاً في المستقبل

مع خالص الاحترام والتقدير

مصطفى الزرغني

 رئيس جمعية الصداقة المغربية الاسرائيلية وأحد مؤسسيها

Moroccan.Israeli.friendship@gmail.com

+1-404-408-6862