هذه مساهمتي المتواضعة حول رسائل الى جاري الفلسطيني

 

الرسالة الاولى الجدار الذي يفصل بيننا 

اعتبر هذا الكتاب هدية نهاية سنة 2020 ,حيث جاء في سياق استئناف العلاقات المغربية الاسرائلية بعد انقطاع دام سنوات ,ممتنا و شاكرا صديقتي العزيزة على قلبي ميخال التي كانت سبببا مباشرا لاطّلاعي على محتويات هذا الكتاب و اشكر بحرارة كذلك صاحب الكتاب يوسي كلاين هاليفي الذي فتح تلك النافذة من اجل السلام، و صححت كثيرا من المغالطات التي اسرت عقولنا لسنوات، سوء الفهم لهذا الصراع المفتعل، الذي نتمنى ان يجد طريقه الى الحل قريبا,وحتى لا اكون متحيزا لطرف على حساب طرف ,فالكتاب في اعتقادي هو نصف الكاس المملوءة بالماء ,في انتظار ملئ النصف الاخر بجواب فلسطيني يعيش في القطاع او غزة، يمكن ان نعنونه برسائل الى جاري الاسرائيلي

الرسالة الثانية الحاجة والحنين 

هذا الجدار أسال الكثير من المداد، وكان محل نقد، فسماه الفلسطينيون جدار التمييز العنصري واعتبره الاسرائيليون الجدار الامني الذي يمكن ان يحمي المواطنين من الهجمات الارهبية , و هو طرح اعتقد انه منطقي، و رغم ذلك فالجدار لم يستطع ان يصد تلك العلاقات الانسانية الجميلة، و الصلوات التي تتجه لله الواجد الاحد من قبل الاسرائيليين و الفلسطينيين حتى يعم السلام و التعايش

الرسالة الثاثة القدر والمصير

 تم تدمير الهيكل مرتين، وما تبعه من احداث ادت الى تشتيت الشعب اليهودي في اصقاع الارض، حيث دام هذا الشتات مدة ألفي سنة، وما عاناه من تمييز و عنصرية، جميعها عوامل تزكي احقية العودة الى ارض الاجداد، فاليهود هم شعب ذو ديانة و هوية و تاريخ عكس ما يدعي البعض و يحاول ان يطمس هذه الحقيقة بنصوص دينية يتفنن في تاويلها، فنحن ان لم نتفق مع كل معتقداتهم فجوانب الحقيقة واردة في بعضها، فقوة ايمانهم بقضيتهم و تشبتهم بعقيدتهم و صمودهم، قادتهم الى بر الامان الذي افتقدوه في الشتات 

جدلية الدين و الامة اليهودية و اثرها على الصراع العربي الاسرائيلي، فاليهود هم من سلالة النبي ابراهيم و زوجته سارة، و هو ما تعترف به ديانتنا الاسلامية بكل وضوح، لكن النقطة التي اثارتني كثيراً هي استخدام بعض العرب الاعلام و حتى المنابر الدينية لتكذيب التاريخ اليهودي

هذه رسائل تلمس قضية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، حاولت من خلالها يا جاري يوسي اقناعنا ان هذه القسمة الغير العادلة لهذه الارض المقدسة هي الحل لوقف نزيف الصراع، و أنا ادعوك لتجتهد اكثر في ايجاد حل بديل اعتبره انا منصفا و هو دمج فلسطينيي الداخل و الشتات في المجتمع الاسرائيلي اما يسمى بسياسة الاحتواء تحت راية واحدة، مع التخلي على مجموعة من الافكار و المبادئ التي تؤرخ للنصر و الهزيمة او التعاليم الدينية التي تحرض على العنف

الجدار في اعتقادي يا جاري يوسي زاد من تعميق الابتعاد عن أي حل سلمي، و ان كنت اتفهم حماية حياة المدتيين الاسرائليين التي لا تقدر بثمن، و اظن انه يجب التخفيف من تداعيات وجوده بالتقرب اكثر من المجتمع الفلسطيني و مخاطبته بلغة المحبة و الاخوة الايمان بان هذه البقعة من الارض هي لشعبين ما يجمعهما اكثر ما يفرقهما، و يجب ضمان نفس الحقوق و التحمل بنفس الواجبات لتنجح فكرة الاندماج و الاحتواء التي اشرت اليها سابقاً، و ليس من الممكن ان نتخوف من فشل التجربة كما وقع في يوغسلافيا سابقا، يبقى من الواجب التغلب على بعض الصعوبات لتحقيق هذا الهدف

 النقطة الاخيرة التي اريد ان اشير اليها و هي المحرقة النازية و التي خلفت 6 ملايين ضحية و تاثرتُ ولازلت متاثرا بها منذ سنوات، هذه المرحلة السوداء من تاريخ البشرية هي ما تبرر لدولة اسرائيل حسب اعتقادي ان تبقى حريصة على تامين وجودها و امتلاك كل الاسلحة الممكنة، خصوصا في ظل عدم وضوح الرؤيا في المنطقة والمتمثلة في محيطها المفخخ كوجود ايران الممتلكة للسلاح النووي، و حزب الله و حركة حماس المواليين لها. اخيراً اتمنى صادقا ان يشعر المواطن الاسرائيلي و جاره الفلسطيني بالامان و أن تنفتح جميع شعوب هذه المنطقة على بعضها البعض

أثناء قراءتي لهذا الكتاب القيم، إنفتحت مخيلتي من الأمور كانت في دائرة الظلام الدامس،لذلك أتوجه برسالتي المتواضعة لأنني بكل صدق لن اوفي الموضوع حقه،الذي يتطلب بحثا مفصلا و مستفيضا للتقرب إلى الحقيقة و ليس كلها ،لانه ليس هناك من يملك الكل ،إلى جاري يوسي  فهو يمثل جزءا من رؤيا المجتمع الإسرائيلي، وبصفتي مغربي عربي مسلم جارا صديقا ،دون أن أغفل أخي الفلسطيني الذي يهمه الأمر،و الذي لازال يتطلع بدوره إلى إكتمال دولته الفلسطينية المستقلة و إن كنت أرى أن هذه الأراضي صغيرة المساحة لا تحتاج إلى تقسيم بل الإحتواء ،فالعيش بكرامة في دولة كإسرائيل تتمتع بديموقراطية حقيقية ،و تربط المسؤولية بالمحاسبة خير من العيش في بعض الأمتار تحت قيادة فاسدة مرتشية تتاجر في مصير شعب وذلك من خلال محورين بارزين

المحور الاول:تاريخ الامة اليهودية ، القدر و المصير، و الحروب العربية الاسرائيلية

 

ان كل امة ذات هوية لها تاريخ، لا يمكن ان ننكره، يبقى الاختلاف في مدى صحة كل تفاصيله، فكلا الرواتين فيها جانب من الصحة و جانب من التزييف المقصود او الغير المقصود، و هنا يكمن صلب الخلاف، لذلك يجب التضحية و التخلي على كل ما يعكر صفو هذه العلاقة بين المكونيين اليهودي و العربي الفلسطيني,يجب الا نجعلها حرب دينية معتقدية، بقدر ما يجب ان نعتبرها، مبادئ انسانية طبيعية ترتكز على التعايش و المحبة و مواجهة التحديات المشتركة التي تتمثل في العداء الخارجي الذي يقتات و يتقوى من هذا الصراع المستدام، و يحرض العالم العربي الاسلامي على الوجود اليهودي فوق الاراضي المقدسة، فالتاريخ موثق و حقيقي من خلال اشرطة فيديو شاهدة على المحرقة، كما ان التوراة و كتب التاريخ لا يمكن ان تكذب يهود الشتات، و مصير العودة في ارض الميعاد كما ان وجود شعب فلسطين على الاراضي المقدسة تزكيه جغرافية الحدود و احتواء الاغلبية الفلسطينية للقلة اليهودية التي تعايشت معها منذ مئات السنين,يبقى الاعتراف من الجانبين هو سيد الادلة 

و اخيرا تبقى النقطة السوداء في هذا الصراع هي تلك الحروب التي خاضها اليهود ضد عرب فلسطين و ما رافقها من تقتيل و تهجير هي مؤلمة حقاً، و للمصادفة فان اليهود عاشوا نفس التجربة بل و اكثرها قسوة ابان الحرب العالمية الثانية، و هو ما هدد استمرار العرق اليهودي في الوجود, حيث استنزف حقا بعد ابادة 6 ملايين من المدنيين الابرياء

 

المحور الثاني:الوجود اليهودي في ارض الميعاد، الجدار والتناقضات

 

ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي هو صراع وجود لا صراع حدود، اسرائيل تسعى اليوم الى تهويد كل الاراضي المقدسة، في افق توسيع مساحة الدولة بعاصمتها القدس، بتعددية عرقية و طائفية و دينية، ضم عرب 48 من مسيحيين و مسلمين، رغم بعض التناقض الذي يعرفه المجتمع الاسرائيلي و الذي يتسبب في فرض سياسة تمييزية وضعت صورة الحكومة الاسرائيلية على المحكّ، رغم بعض الامتيازات التي يتمتع بها عرب 48 مثل الحق في التطبيب  وغيرها.
و في ظل الحكومة اليمينية  اصبح التفكير اليوم في مقايضة ما تبقى من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية و قطاع غزة بالملايير مقابل اخلاء هاتين البقعتين و اعادة توطينهما في سيناء و الاردن، و في اعتقادي هو ما أثار حقينة الشارع العربي و الفلسطيني، الذي ينظر للتطبيع بانه خيانة للقضية الفلسطينية وبداية تمهيد الطريق لصفقة القرن برعاية الولايات المتحدة الامريكية، و هذا لا يُقصي الراي المؤيد لهذا التطبيع و الذي يعتبره فأل خير على شعوب المنطقة

 

مع أطيب التحيات

رضوان من المغرب 

2/1/2021